mercredi 2 avril 2014

مواجهتنا مع الأنظمة القائمة حاليا في الأمة


مواجهتنا مع الأنظمة القائمة حاليا في الأمة مواجهة طويلة المدى تعتمد على استنزافها وتهرئتها إقتصاديا وأخلاقيا وفي نفس الوقت على نشر الوعي في أجيال الشباب (كل من تجاوز الأربعين لا يجب الإعتماد عليه).
المواجهة طويلة المدى تتطلب جماعات صغيرة وليس تنظيمات أصلا.. هذه الإستراتيجية اثبتت نجاحها في تجربة تنظيم القاعدة في مواجهة الولايات المتحدة(لا أناقش هنا فكر القاعدة أو ممارساتها انما اتحدث عن إستراتيجية المواجهة) حين ظهر إختلال موازين القوة في بداية المواجهة في 2001 تفكك تنظيم القاعدة إلى عدة جماعات صغيرة لا علاقة تنظيمية حقيقية بينها. ما يجمعها هو الفكرة والتوجيهات، التي تنشر على الملأ، في الكتب أو في الأشرطة، أما العمليات الميدانية فتديرها الجماعات الصغيرة بمنتهى الحرية وفق المعالم العامة المنشورة، هذه الإستراتيجية لا تسمح فقط بتجنب ضرب التنظيم بكامله بل أيضا بتكاثر الجماعات التي تحميل فكرا واحدا بشكل كبير وممتد يسمح بالإنتقال من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم والافتكاك وإنهاك الخصم الذي لا يقوى عادة على البقاء في حالة إستنزاف متواصلة لمدة طويلة. أعتقد أن الواقع المصري الآن يسير في هذا ألإتجاه وإن كان بشكل بطئ نسبيا. لكن هذا التوجه يحتاج أولا إلى معالم تسير وفقها كل الجماعات التي تتشكل وبوصلة تحميها من الإنحراف..

mercredi 6 novembre 2013

إستراتيجية النهضة في هذه المرحلة: إسقاط الإنقلاب بأي ثمن


السلام عليكم

أعتقد والله أعلم اننا في مرحلة معقدة جدا تطلب منا فهمها جيدا في المقام الأول ثم تحديد كيفية التعامل معها.


الأخطاء التي ارتكبها مسؤولو النهضة في الحكم موجودة لا ريب فيها ولكنكم تعلمون علم اليقين أن ما يحدث في هذه المرحلة لا علاقة له بتلك الأخطاء بل بقرار دولي ومحلي بإقصاء الإسلام السياسي من الساحة وأن الإخوة يتعاملون مع هذا الوضع تحديدا. نحن الآن نواجه آلة كاملة مترابطة فيها ماهو إداري وماهو قضائي وماهو أمني وماهو دولي وتدار من قبل رؤوس سياسية، ومن يفهم العلوم السياسية يعرف اننا نعمل في إطار ما يسمى سياسة حد السيف.. تخيل أنك تمشي على حد سيف، لا مجال كبير للمناورة، أي خطأ في وضع قدمك يؤدي إلى السقوط.

إن  مسؤولو النهضة الآن مسؤولون عن شعب يجب أن لا يجوع ولا يتعرض للخطر الأمني المباشر(و بالتالي يجب السهر على ضمان إستقرار سياسي و إجتماعي في حده الأدنى) وفي نفس الوقت مستأمنون على إرساء دولة حرة وديمقراطية وإغلاق طريق العودة للإستبداد(و بالتالي عدم الرضخ للطموحات الإنقلابية المحلية و الدولية). في هذه المعادلة يجب أن يتحركوا.. فماهي الخيارات المتاحة؟ 


أعتقد أن الحوار في المرحلة الحالية هو ضامن للإستقرار وفي نفس الوقت يجب عدم التنازل بحيث يتحول الحوار إلى إنقلاب. في نفس الوقت كذلك العمل على أن يفهم الشعب تأثير الدولة العميقة وأن يعي أن هناك من يدبر إنقلابا في جو التحشيد والتجييش الإعلامي الذي يوجه الرأي العام و في نفس الوقت أيضا محاولة بناء اصطفاف على أساس الموقف من الديمقراطية و الإنقلاب و ليس الموقف من النهضة. والهدف الرئيسي في هذه المرحلة إسقاط الإنقلاب. من هنا جائت إستراتيجية الحركة التي تبنتها في الحوار:

من خلال ترشيح المستري، وكما يقول منصر الهذيلي:
ترشّح السّيد أحمد المستيري لرئاسة الحكومة بعثر الكثير من أوراق الإنقلابيين. ما أقاموه من جبهة يتهاوى فهناك من يريد ذهاب حكومة العريض بابًا لانتخاباتٍ قادمة وهناك من يريدها مدخلا للإنقلاب على الإنتخابات الماضية وما عاد بإمكان الطّرفين الإلتقاء جبهويًّا وقد يشعر الحزب الجمهوري أنّه بات أقرب إلى الصفّ الآخر.

إذا كان هناك رفض لإسلامية أو نهضوية الحكومة فقد نفهم حاجةً إلى حركة بآتّجاه حكومة بروحية أكثر ديمقراطية ولكن من يقبل أن نقفز من الإسلامية إلى الإنقلابية? يقبل هذا من كان انقلابيًا. الذين باركوا الأرشيف البورقيبي بحماستهم القويّة لسي الباجي يلعنون الأرشيف الديمقراطي فسي أحمد هو أبُ الديمقراطية.
حملة شعواء على من يمثّل حقًّا فرصة للإبتعاد عن التجاذب والصّراع والتأسيس لحوارٍ حقيقي. الآن إذا رفضوا المستيري فهم يكشفون أنّهم في المحصّلة يريدون شخصيّةً لهم يصولون بها ويجولون. تأكّد أنّ الحوار ما كان إلا فرصة للإستبلاه والإستحمار وقد خرج منه الإنقلابيون بنهيقٍ من دون شعير.

في وقتٍ قياسي تلقّى هؤلاء صفعتين صفعة المستيري وصفعة حديث النّاس المتزايد عن الدولة العميقة. غريب حال نسمة وأخواتها، رغم عشرات المحلّلين والإستقصائين والباحثين لم تبرمج مادّةً للحديث عن الدولة العميقة وبقي الإستثمار في السّطح والقشور. نسمة التي عوّدتنا أن تحوّل الحبة قبّة خرست لمّا حضرت القبّة.

هناك أصلا عجز عن الحشد الشعبي يتحوّلُ شيئًا فشيئًا شللا. يسقط الرّهان على الإنقلاب بالحوار كما سقط الرّهان على الإنقلاب بالشّارع وبالإرهاب المشبوه. تضيق الخيارات ولا تنتهي ورهانهم الباقي على الإرباك بالأجهزة وحتّى هذا ليس مضمونًا. يستعجلون كلّ أمر وفي نهاية المطاف سيتعرّون.

في الخارج دعمٌ وتوجيه وأمرٌ بالإنقلاب وفي الدّخل عجز الشبكات على الإنجاز. أتمنّى أن لا يقود اليأس جماعة الخارج وهي كثرة إلى قرار الفوضى لعلّ ما بعدها يستقرّ على إنقلاب.

jeudi 5 septembre 2013

معلومات مسربة من مخابرات #مصر



البارحة وصلت معلومات بأن عسكر #مصر حزموا أمرهم في إستئصال الإخوان. الطبيعة المخابراتية لهذه المعلومات تجعلنا دائما نأخذها باحتراز ولكن بعد تفجير #وزير_الداخلية اليوم في القاهرة فإني أعتقد أن هذه المعلومات لها مصداقية جيدة لذلك سأنشرها. وهي مسربة من مخابرات #مصر

العسكر حاز على ضوء أخضر أمريكي سعودي للقضاء على الإخوان وستنفذ جملة من الاعدامات في حق قيادييها.

العسكر سينفذ خطة إسرائيلية سعودية للقضاء على #حماس وتسليم #غزة للسلطة الفلسطينية

الخطة تقضي بحصار #حماس حصارا كاملا ثم تتهم حماس بتفجيرات في مصر ثم يقوم العسكر بهجمة محدودة في رفح لحماية مصر من الإرهاب

تقوم #إسرائيل في نفس الوقت بقصف واغتيالات وتوغل محدود من شرق القطاع بذريعة إطلاق الصواريخ وعدم إلتزام #حماس بالهدنة

تفرض تسوية على #حماس تقضي بوجود قوة دولية في منطقة عازلة داخل غزة تتكون من قوات خليجية و مصرية أساسا

بعد ذلك حصار #حماس من كل الجهات ثم افتعال أزمة داخلية ومظاهرات وفوضى تقودها فتح بعد إضعاف حماس وتسليم الحكم للسلطة

كما قلت المعلومات التي اوردتها منذ قليل من مصدر مخابراتي وعادة ما نأخذها باحتراز لكن ما حصل اليوم تفجير وزير الداخلية أكد بداياتها على الأقل.

jeudi 30 mai 2013

معركة القصير: التداعيات والآثار.. ورقة صادرة عن وحدة تحليل السياسات بالمركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات




نجحت كتائب الثوّار السوريّين خلال الربع الأوّل من عام 2013 في تحقيق انتصاراتٍ عسكرية مهمّة من أبرزها تحرير مدينة الرقّة، وإفشال الحملة العسكريّة على حمص القديمة، ووصولهم إلى تخوم العاصمة دمشق (حي جوبر). ونتيجة لتأكّل سيطرة النظام العسكرية، ساد انطباعٌ عامّ بإمكانية اختلال توازن القوى عسكريًّا ورجحانه لمصلحة الثورة. لكن الانطباع السابق سرعان ما تبدّد؛ فقد بدأ النظام السوريّ منذ مطلع نيسان / أبريل 2013 حملةً عسكريّة مضادّة في عموم مناطق سورية، لكنّه حصر أولويّاته العسكرية مرحليًّا في ثلاث معارك، هي:
  • معركة الغوطتين: نجح النظام في تحقيق اختراقاتٍ عسكريّة على جبهة الغوطة الغربيّة (داريا والمعضمية)، وأحكمَ السيطرة على طريق المطار. كما طوّق الغوطة الشرقية عند منطقة العتيبة والتي تُعدّ خطّ الإمداد الرئيس للثوّار في الغوطة الشرقية، الأمر الذي دفع 23 فصيلًا مسلّحًا في الغوطة الشرقية إلى تشكيل غرفة عمليات مشتركة بتاريخ 12 أيار/مايو 2013، وبدْء ما سُمّي معركة "الفرقان"، لصدّ الهجوم العسكري على الغوطة الشرقية خاصّةً في بلدة العتيبة. وبالفعل، استطاع الثوّار إخراج قوّات النظام من بلدة العتيبة؛ لتتركّز المعارك في محيطها.
  • معركة معرّة النعمان: استطاع النظام في 14 نيسان/ أبريل 2013، فكّ الحصار جزئيًّا عن معسكرَي وادي الضيف والحامدية. كما حاول فتْح طريق دمشق - حلب الدولي من دون أن يحقّق هدفه. وفي أواخر نيسان/ أبريل 2013، أجبرت كتائب الثوّار قوّاتِ النظام على الانسحاب من قرى بابولين، والتح، وتحتايا باتّجاه مدينة خان شيخون، نقطة التمركز الرئيسة لقوّات النظام في ريف إدلب الجنوبي.
  • معركة القصير: بدأت في الأسبوع الأوّل من شهر نيسان/ أبريل 2013، ولا تزال رحاها تدور حتّى الآن.
على أهمّية الاختراقات الأخيرة لقوّات النظام في الغوطتين، أو في معرّة النعمان، فهي تبقى جزئيّة ومحدودة التأثير بحكم أسلوب الكرّ والفرّ والانسحابات التكتيكية التي يلجأ إليها الطرفان عادةً. يضاف إلى ذلك أنّ النظام يدرك صعوبة "الحسم" في هذه الجبهات؛ لذلك سعى إلى "تحريكها" لتحقيق أهدافٍ مرحلية تتمثّل في إبعاد الخطر عن العاصمة دمشق في حالة الغوطتين، وتخفيف الضغط عن ريف حلب الجنوبي في حالة معرّة النعمان. أمّا معركة القصير، فهي ذات أهمّية إستراتيجية بالنسبة إلى النظام والثوّار في آنٍ معًا، وسيترتّب عليها نتائج وتداعيات مؤثّرة في النظام والثورة.
تحاول هذه الورقة الوقوف على المعارك الدائرة في مدينة القصير، والتركيز على خصوصيتها وأهمّيتها في الصراع القائم، وتلمّس تداعياتها الحاليّة والمستقبلية على طرفَي النزاع في الأزمة السوريّة.

القصير: المعركة المؤجّلة
لا يمكن النظر إلى ما يجري في القصير بصورةٍ منعزلة عن معركة حمص ككلّ؛ إذ إنّ مسار الأحداث في مدينة القصير، وعلى مدار أكثر من عام، ارتبط بمجريات الأحداث في مدينة حمص.
تقع مدينة القصير جنوب غربي حمص، وتبعد عنها مسافة 35 كيلومترًا، وعن الحدود اللبنانيّة مسافة 15 كيلومترًا فقط. تُعدّ القصير نقطةَ الوصل بين الشمال اللبنانيّ، وريف حمص الجنوبي، كما أنّها تبعد نحو عشرة كيلومترات فقط عن العقدة التي تتلاقى فيها معظم الطرق الدولية البرّية داخل سورية. يبلغ عدد سكّان مدينة القصير 42 ألف نسمة. ويتبعها إداريًّا أكثر من أربعين قرية. تعدّ القصير منطقةً مختلطة دينيًّا وطائفيًّا؛ إذ يتركّز المسلمون السنّة، والمسيحيون في المدينة ومحيطها القريب (قريتَي الموح، وأبو حوري)، وتحيط بها قرًى شيعيّة، أبرزها (البرهانية، والدمينة الشرقية، والعقربية، والنزارية)، وقرًى علويّة مثل الحيدرية والعبودية.
انخرط سكّان مدينة القصير في الاحتجاجات السلميّة منذ جمعة الشهداء 1 نيسان / أبريل 2011. وقد حافظت المدينة على وتيرة احتجاجاتها السلمية حتّى نهاية شباط / فبراير 2012؛ إذ التجأ إليها المقاتلون الهاربون من حيّ بابا عمرو، وشكّلوا مع سكّانها كتائبَ مسلّحة لقتال الجيش النظامي. وبنهاية شهر آذار / مارس 2012، خرجت مدينة القصير عن سيطرة النظام عسكريًّا، ولم تنجح المحاولات المتكرّرة في اقتحامها أو إعادة السيطرة عليها.
على الرغم من تحوّل القصير إلى أكبر تجمّعٍ للثوّار المقاتلين في محافظة حمص بعد اقتحام حيّ بابا عمرو في نهاية شباط / فبراير 2012، فقد أسقط النظام المدينةَ من أولويات حساباته العسكرية خلال عام 2012؛ إذ إنّ إستراتيجيته كانت تقوم على وأد الثورة في مراكز المدن، وعزلها ما أمكن في الأرياف البعيدة. وعليه، فإنّ جميع المعارك خارج مدينة حمص لم تكن أولوية أو ضرورة راهنة بالنسبة إلى النظام.
يؤكّد مسار العمليات العسكرية في محافظة حمص الاستنتاج السابق؛ فقد استغلّ النظام الفيتو المزدوج الروسيّ - الصينيّ في مجلس الأمن ضدّ مشروع قرارٍ تقدّمت به الجامعة العربيّة في 4 شباط / فبراير 2012، وقام بعمليةٍ عسكرية كبيرة في حيّ بابا عمرو استمرّت عشرين يومًا نجح خلالها في اقتحام الحيّ وإجبار المسلّحين الأهليّين والضبّاط المنشقّين الذين اتّخذوا الحيّ قاعدةً لقتال قوّات النظام في حمص، على الانسحاب منها.
 استثمر النظام اقتحام حيّ بابا عمرو إعلاميًّا وسياسيًّا؛ فقد عدّ "انتصار" الجيش في حمص نقطةَ تحوّلٍ لجهة القضاء على الثورة، وإحباط المؤامرة التي ترعاها قوًى دولية، وإقليمية. وضمن هذا الإطار جاءت زيارة بشّار الأسد إلى حيّ بابا عمرو في 27 آذار / مارس 2012، حيث أعلن عن عودة الهدوء إلى مدينة حمص، وأصدر تعليماته إلى المحافظ من أجل إعادة إعمار ما تهدّم في المواجهات.
كانت المفاجأة خارج حسابات النظام، عندما تحصّن مقاتلو الجيش الحرّ في أحياء حمص القديمة، الأمر الذي أدّى إلى تجدّد المواجهة العسكرية. وعلى خلاف مسار العمليات العسكرية في حيّ بابا عمرو، لم يستطع النظام استعادة السيطرة على حمص القديمة. وفي منتصف حزيران / يونيو 2012، بدأ في محاصرتها، وعزلها عن باقي الأحياء. ولاستكمال عزل حمص، قام النظام خلال عام 2012 بعدّة عملياتٍ عسكرية استهدفت خطوط الإمداد، ولا سيّما في قرى الريف الشمالي ومدنه (تلبيسة، والرستن). وبنهاية عام 2012 اقتحم الجيش السوريّ النظامي حيّ دير بعلبة (بوابة حمص القديمة)، ليُحكم حصاره على ما تبقّى من الأحياء فيها (البياضة، والخالدية، والقصور، والقرابيص، وجورة الشياح، وباب هود، وباب الدريب، وغيرها). ونتيجة لذلك، بدأ النظام السوريّ منذ بداية عام 2013 التحضير لحملةٍ عسكريّة تستهدف الأحياء المحاصرة في حمص القديمة، للقضاء على آخر معقلٍ للثورة في مدينة حمص (انظر الخريطة 1).
 
خريطة (1): أحياء مدينة حمص


القصير: المعركة العاجلة
في مطلع آذار / مارس 2013، وبعد ما يزيد على 270 يومًا من الحصار، أعلن الجيش السوريّ عن بدء اقتحام حمص القديمة ابتداءً من حيّ الخالديّة، إلا أنّ العملية العسكريّة الموسّعة التي استمرّت نحو عشرة أيّام فشلت في تحقيق أهدافها. وقد استطاع الثوّار إجبار جيش النظام، وقوّات الدفاع الوطني - المليشيات الطائفية التي شكّلها النظام - على الانسحاب من محيط الخالديّة. ليس هذا فحسب، بل قامت بعض كتائب الثوّار - قدمت من ريف حمص الجنوبي - في 10 آذار / مارس 2013 بهجومٍ مضادّ في حيَّي بابا عمرو والإنشاءات، وأعادت السيطرة عليهما قبل أن يستعيدهما الجيش النظامي من جديد في 30 آذار / مارس 2013. واستطاعت الكتائب الموجودة في ريف حمص الشمالي (تلبيسة، والرستن) اختراق الحصار، وإيصال إمداداتٍ غذائية وطبّية، وعسكريّة إلى حمص القديمة، الأمر الذي منح المقاتلين داخلها قدرةً إضافية على الصمود والمواجهة.
كان لفشل اقتحام حمص القديمة تأثيرٌ في إستراتيجية النظام؛ فحصار المدينة وعزلُها لم يؤدِّيا الغرض المطلوب لإسقاطها، الأمر الذي فرض عليه تغييرَ الخطط واستبدالها بأخرى أكثر فاعليّة.
اقتنع النظام بأنّ ثغرة حمص تكمن في أريافها، خاصّةً ريفها الجنوبي المحاذي للحدود اللبنانيّة، وفي قلبه مدينة القصير التي تمثّل أكبرَ قاعدة إمداد لمدينة حمص، وأحياءَها الطرفيّة خاصّةً حيّ بابا عمرو، وجوبر والسلطانية (انظر الخريطة 2). تأسيسًا على ذلك، غيّر النظام خططه العسكرية فيما يتعلّق بحمص، وتحوّلت القصير من معركةٍ مؤجّلة إلى معركةٍ عاجلة.

خريطة (2): محافظة حمص (المدينة والأرياف)


خبِر النظام في مواجهاتٍ عدّة حصلت خلال عام 2012 شراسة المقاتلين في القصير، وضراوتهم في القتال الناجمة عن خبرتهم وتنظيمهم، إضافةً إلى امتلاكهم الأسلحة الثقيلة والخفيفة القادرة على موازنة قوّاته. الأمر الذي تطلّب دخول عنصرٍ جديد على خطّ المواجهة (حزب الله) خبيرٍ في حرب العصابات، وقادرٍ على ترجيح الكفّة. ولتبرير انخراطه في المعارك، قامت قيادة حزب الله بحملة تجييشٍ شعبوي طائفي لإقناع جمهورها بضرورة مشاركة مقاتلي الحزب في الصراع السوريّ، للدفاع عن القرى الشيعيّة في منطقة القصير، وعن المراقد الدينية في ريف دمشق، مع أن أحدًا لم يعتد على مقام السيدة زينب في دمشق، وهذا الادعاء بحد ذاته تجن على الثورة السوريّة. وقد اعترف الأمين العامّ لحزب الله حسن نصر الله في خطابه 1 أيار / مايو 2013، بمشاركة مقاتلي الحزب في القتال، معتبرًا أنّ "أصدقاء سورية لن يسمحوا بسقوطها في أيدي أميركا وإسرائيل والتكفيريين". وفي السياق نفسه، رأى علي أكبر ولايتي مستشار المرشد الإيرانيّ للشؤون الدولية، في مؤتمرٍ صحفي عقَده في مدينة قم بتاريخ 4 أيار / مايو2013، أنّ "سورية ليست وحدها، وأنّ إيران لن تتركها وحيدةً في الميدان". وأضاف ولايتي "أنّ إيران لا تكشف عن جميع أوراقها في سورية لكنّها لن تسمح بسقوطها". من هنا يمكن القول إنّ مشاركة حزب الله في القتال كانت بتوجيهاتٍ وأوامرَ إيرانيّة.
رجّح دخول قوّات النخبة في حزب الله إلى معركة القصير، كفّة المواجهة لمصلحة النظام؛ فمنذ منتصف نيسان / أبريل 2013 وحتّى منتصف شهر أيار / مايو 2013، استطاع حزب الله السيطرة على القرى المحيطة بالقصير من الجهتين الجنوبية والغربية، وأبرزها تل النبي مندو (قادش)، والبرهانية، والخالدية، ومعبر جوسيه الحدودي، كما وصل مقاتلو الحزب إلى بساتين مدينة القصير التي تبعد عن مركزها مسافة كيلومترين أو ثلاثة كيلومترات فقط (انظر الخريطة 3). وبالتزامن مع دخول حزب الله، أحكمت قوّات النظام سيطرتها على قرية أبل (بوابة الريف الجنوبي باتّجاه مدينة حمص)، ونجحت في 8 أيار / مايو 2013 في فكّ الحصار المفروض من جانب الثوّار على قرى الحيدرية والشومرية والعبودية. بعد ذلك، أحضر النظام تعزيزاتٍ عسكرية من دمشق، وحشَدها في هذه القرى؛ لتكون منطلقًا لاقتحام مدينة القصير. ويجدر بنا الإشارة إلى أنّ التحضيرات لاقتحام مدينة القصير تسارعت بعد اجتماع لافروف - كيري 6 أيار / مايو 2013، والذي تمخّض عنه اتّفاقٌ أميركيّ روسيّ على عقد مؤتمرٍ دولي في جنيف بداية حزيران / يونيو 2013، يَجمع النظام والمعارضة السوريّة في محاولةٍ لحلّ الأزمة السوريّة سياسيًّا على أساس اتّفاق جنيف الذي توصّلت إليه مجموعة الاتصال حول سورية 30 حزيران / يونيو 2012. وبدا الأمر كأن النظام السوري يسعى لتحقيق مكاسب عسكرية قبل المفاوضات بأيّ ثمن، ويعظِّم من أهمية القصير كي يبدو الإنجاز أكبر.
 
خريطة (3): للمساعدة في تبيان مواقع انتشار حزب الله حتّى بداية أيار / مايو 2013

في 19 أيار / مايو 2013، أعلن الجيش السوريّ عن انطلاق عملياته العسكرية تحت عنوان "تطهير القصير"؛ إذ جرى في الساعة الخامسة صباحًا قصفٌ مدفعي تلته غاراتٌ جوّية مكثّفة استهدفت مواقعَ الثوّار في ريف المدينة، ما أدّى إلى تراجع الثوّار إلى أطرافها؛ ليبدأ الهجوم البرّي لقوّات النظام في الجهتين الشمالية والشرقية من المدينة، وقوّات حزب الله الذي دفع بنحو 1200 مقاتل في الجبهة الجنوبية الغربية.


النتائج والتداعيات
يعدّ النظام المعركةَ في القصير معركةً فاصلة، وذات أهمية إستراتيجية؛ لأنّها ستعيد - من وجهة نظره - خلط الأوراق في مسار الصراع داخل سورية، وعلى الصعيدين الإقليمي والدولي أيضًا. ونذكر هنا أبرز النتائج والتداعيات المحتملة:
  • إنّ نجاح النظام في حسم معركة القصير لمصلحته، سيمكّنه من إطباق الحصار على حمص القديمة بقطْع طرق الإمداد كافّة، الأمر الذي قد يُعدّ مقدّمةً لاقتحامها والسيطرة عليها، ومن شأن ذلك أن يعزل الثورة في أطرافٍ بعيدة عن المركز (الشمال، وأقصى الجنوب، والشرق)، ويمنح النظام مقوّماتِ البقاء والصمود كونه سيؤمّن، ولأوّل مرّة منذ منتصف عام 2012، تواصلًا جغرافيًّا آمنًا ما بين العاصمة والمنطقة الوسطى (حمص، وحماة)، وصولًا إلى الساحل السوريّ الذي يُعدّ المنطقة الأكثر أمانًا واستقرارًا في سورية. والجدير بالذكر أنّ النظام السوريّ قام خلال عام 2012 بإعادة تأهيل مرافقَ إستراتيجية في محافظات الساحل (مطار طرطوس، والموانئ)، وقدّم حوافزَ اقتصادية للصناعيّين والمستثمرين في حلب وريف دمشق لنَقْل أعمالهم إلى المناطق الآمنة في الساحل السوريّ.
  • إنّ نجاح النظام في إعادة رسم الخريطة الجغرافية لانتشار قوّاته وفق المسار السابق، من شأنه أن يعزّز موقعه التفاوضي في حال بدأ مسار الحلّ السياسي المرتقَب للأزمة (المؤتمر الدولي)، ويمنح حلفاءَه الدوليّين والإقليميين قدرةً أكبرَ على فرض توجّهاتِهم وشروطهم. انطلاقًا من ذلك، يمكن القول إنّ معركة القصير تمثّل تعبيرًا عن إراداتٍ دولية وإقليمية لتغيير مسار الأحداث على الأرض، وليست خيارًا يخصّ النظام وحدَه.
  • كشفت معركة القصير بوضوحٍ عن تغوّل حزب الله في الأزمة السوريّة، وانخراطه العسكري المباشر فيها. لقد انجرّ حزب الله راغبًا أو مُكرَهًا إلى معركةٍ يقاتل فيها إلى جانب نظامٍ استبدادي بذرائعَ ومبرّراتٍ طائفية (حماية المراقد، والدفاع عن الشيعة)، ما أثّر في صورة الحزب ونقَله وجدانيًّا - لدى شريحةٍ واسعة من السوريّين والعرب على الأقلّ - من حركة مقاومة تواجه إسرائيل وتحظى بتأييد الشارع العربيّ، إلى حزبٍ طائفي مغلَق ومعتد ومرتهن بصورةٍ كاملة ومطلقة لتوجّهات إيران السياسية والعقائدية. لقد أسهم دخول حزب الله في إذكاء الاستقطاب الطائفي في سورية، وأضفى على الصراع بعدًا دينيًّا ومذهبيًّا. يضاف إلى ذلك أنّ دخول حزب الله المباشر في معارك سوريّة سيؤدّي إلى استنزاف قدراته العسكرية والبشرية، بما يحقّق الهدف الإسرائيليّ والأميركيّ الراهن بتحويل سورية إلى ساحةٍ يتصارع فيها ما يسمّونه قوى التطرّف؛ "الحركات الإسلاميّة، وحزب الله".

لقد ثبت منذ معركة حلب أنّه لا توجد في سورية معركة "حاسمة"، أو "أم المعارك" كما يقال. فالثورة شعبيّة وممتدة أفقيا وعموديا في المجتمع السوري.
سيكون لنتائج معركة القصير، فيما لو استطاع النظام السيطرة عليها قريبًا، تداعياتٌ كبيرة على الثورة معنويًّا، وعسكريًّا، لكنّها لن تحدّد مصيرها كما يجري تداولُه على نطاقٍ واسع؛ فالصراع مع الاستبداد لا يقاس بحساب موازين القوى، ولا بالتقدّم أو التقهقر في ساحةٍ معيّنة. كما أنّ النجاح الذي يحقّقه النظام بالمذابح والمجازر، يؤكّد ضرورة الثورة وشرعيّتها، وضرورة استمرارها.
ويمكن أن تشكّل المخاطر المحتملة على القصير بصفةٍ خاصّة وحمص بصفةٍ عامّة، فرصةً للثوّار لتجاوز انقساماتهم وتشتّتهم في حمص وفي عموم سورية، وتدفعهم إلى تشكيل أطرٍ قياديّة مناطقية (إن لم تكن ممتدّة على المستوى الوطني) تستطيع تنظيم العمل العسكري الذي يُعدّ ضرورةً راهنة ومستقبلية، لنجاح الثورة. وحتى كتابة هذا التقدير لا يزال الثوار يسجِّلون مقاومةً صلبة مفاجئة للقوات المعتدية، يمكنها أن تقلب الحسابات في أي وقت.
ولكن الأمر الأهم هو أن تتعلم الثورة خطورة عدم وجود قيادةٍ موحَّدة وتراتبية، وضرورة أن تتحرك كلها كجسم واحد في الوقت ذاته.




إطلالة على معركة الأمة في سوريا


1- سوريا هي معركة الأمة لأن بإنتصار ثورتها يتواصل الربيع العربي وبهزيمتها ينتكس ونخسر عشرات السنين في الذل والهوان.
2-سوريا هي معركة الأمة لأنها المكان الذي تكالب علينا فيه كل أعدائنا. بانتصارها ننتصر عليهم جميعا.
3-سوريا هي معركة الأمة لأن كل مؤشراتها توحي بأنها تحقيق لحديث الرسول (ص) عن معركة الشام الفاصلة.
-سوريا هي مفتاح القدس لأنها تستهدف آخر عقبة كانت تحمي حدود العدو الصهيوني. الإنتصار يفتح باب الجهاد المقدس لتحرير الأقصى. 

4- في معركة سوريا سقطت كل الأقنعة وميز الله الخبيث من الطيب وظهر العدو من الصديق.

5-الغرب يبحث عن مصالحه ولا يعنيه مقتل عشرات الألاف. يريد نصرا إستراتيجيا بأيدي غيره.
6-بحشر حزب الله وإيران في معركة ضد الشعب السوري، يريد الغرب إستنزافهما دون أن يواجههما.
7-يريد الغرب تواصل المعركة ولكنه يخشى أن تمتلك القوى الإسلامية المعارضة السلطة وتصبح تهديدا لإسرائيل أكثر من حزب الله.
8-سينتهي الأمر بالغرب إلى التدخل بسوريا ليقضي نهائيا على قوة حزب الله وإيران وقبل أن تشتد شوكة الإسلاميين السنة. 
9-الغرب لا يريد أن تعم الفوضى في سوريا لأنها ستمتد إلى الأردن ولبنان وستحاصر إسرائيل بالمقاتلين السنة من كل إتجاه.

10-حزب الله عدو للأمة، إيران عدو للأمة، روسيا عدو للأمة، إسرائيل عدو للأمة. هذا يجب أن يكون محل إتفاق.
11-نحن نعادي من ضلمنا أيا كان. ونرد المعتدي أيا كان. حزب الله وإيران وبشار ضلمونا وإعتدوا علينا وقتلوا ابناءنا و استحيوا نساءنا.
12-عداوة حزب الله وإيران من منطلق دعمهما للظالم وقتلهما لأهلنا وارتكابهما المجازر.
13-إن كان حشد حزب الله وإيران لمقاتليهما بطريقة طائفية فإن هدفهما سياسي قومي.
14-يجب أن نعادهيما من هذا المنطلق ولا ننجر إلى الحرب المذهبية لأن هذا النوع من الحروب لا ينتهي، ويخدم الأعداء. والتاريخ يشهد.


15 -جند الحق والعدل يحاربون الظالمين ولا يحاربون على الهوية أو الطائفة. أولئك هم جند الله. ألا إن جند الله هم الغالبون.

lundi 13 mai 2013

أيها الإسلاميون كفى تنطعا!!


الفتنة تطل برأسها وسط التيار الإسلامي في تونس فأخمدوها قبل فوات الأوان وتوقفوا عن القصف الإعلامي التافه وكفى صبيانية فهذا مستقبل أمة وليس بطولة كرة قدم
أريد أن أذكركم وأذكر نفسي بقول الله سبحانه "وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ" ولنا في التاريخ القريب عبرة 
أيها النهضويون لا تكونوا حطب المواجهة بين العلمانيين والسلفيين ولا تجعلوا من أنفسكم أداة غبية يحركها رجال الظل من دهاة السياسة فمصيركم لن يكون أفضل من الإخوان المسلمين في الجزائر الذين تحالفوا مع النظام في التسعينات في مواجهة جبهة الإنقاذ ثم لفظهم النظام ولفظهم الشعب ولم تقوم لهم قائمة إلى الآن.
أيها السلفيون، لستم أقوى أو أكثر تنظيم أو أوسع إنتشار من جبهة الإنقاذ الجزائرية التي كانت تستطيع تحريك مليوني مواطن بنداء واحد.. لم تصبير على الأذى وأخذتها العزة بقوتها فذهبت للمواجهة فأجتثت هي وخسرت الجزائر وتمكن العلمانيون.. كفى تنطعا واصبروا وصابروا ورابطوا.
إلى التيار الإسلامي عامة: أنتم ضعفاء في هذه البلاد، فعدى انتشاركم الشعبي، ليس لكم أي موطن من مواطن القوة في أي دولة فلا أنتم متغلغلون في الإدارة وليس لكم وجود في الإعلام ورائحتكم مقطوعة من أجهزة الأمن والجيش! فعلام تعولون في صبيانيتكم وتنطعكم هذا؟    
فلنعلم عدونا ونوجه إليه سهامنا، ولنبن قوتنا ولنحافظ على شعبنا فهو ذخيرتنا الدنيوية الوحيدة حتى الآن.

mercredi 24 avril 2013

أركان الليبيرالية اللاّوطنية التي يسعى صندوق النقد الدولي إلى تطبيقها في تونس


(بعض المعطيات المذكورة في هذه الورقة هي تقديرات أوّلية في انتظار الأرقام النهائية الرسمية للمعهد الوطني للإحصاء)
هذه الورقة تنتقد المبادئ التي يرتكز عليها برنامج صندوق النقد الدولي، وهي ما سمّيناها أركان الليبراليّة اللاّوطنيّة، وتوضّح الأضرار الاقتصادية التي قد تخلّفها إذا وقع تطبيقها.

1. تقديم الوضع المالي الخارجي لتونس في 2012

في 2012، بلغت جملة التمويلات المطلوبة من الخارج 9.1 مليار من الدنانير (المعطيات من الميزان الاقتصادي لسنة 2013 لوزارة التنمية) وتوزّع استعمال هذا المبلغ كالتالي:
  • 3.6 لربا التمويل الخارجي (فائدة قروض وتبديل عملة أرباح الأجانب)
  • 1.7 لتغطية العجز التجاري الجملي (وهو فائض الواردات على الصادرات، مع احتساب عائدات السياحة و تحويلات مواطنينا بالخارج). وجملة الربا والعجز التجاري هي العجز الجاري 3.6+1.7=5.3
  • 3 لتسديد ديون سابقة و 0.8 لخزينة العملة الصعبة.
5.3 + 3 + 0.8 = 9.1

لاحظوا أنّ كلّ هذه الأموال التي نطلبها من الخارج (قروض أو بيع رأس مال البلاد)، يعني 9.1 مليارات من الدنانير، لم ير منها الشعب التونسي إلاّ 1.7 مليار لتغطية العجز التجاري الجملي. ويعود الباقي إلى الأجانب (ربا+تسديد ديون+احتياطي عملة صعبة). ولم ترى الطبقة المهمّشة من هذا المبلغ شيئا بحكم أنّه وقع صرف جلّه في واردات فاخرة.

مع التذكير بأنّه قبل سنة 2006، كان العجز الجاري في حدود مليار من الدنانير سنويّا ثمّ أخذ يتفاقم بسبب انحراف البلاد نحو التداين الموجّه نحو الاستهلاك وبسبب ازدياد ربا التمويل الخارجي، إلى أن بلغ العجز الجاري 5.3 مليارات من الدنانير سنة 2012.

2. الطلب بتصحيح رأس مال البنوك

في حين أنّ التصحيح لا يقع في وضع عام ثوري و مضطرب إذ لا يعقل فرض شروط صعبة على البنوك في ظرف اقتصادي عام متدهور:
إنّ معدّل نسبة الامتلاك الأجنبي للبنوك التونسية تفوق 50%. في الولايات المتحدة هذه النسبة أقلّ من 10% والأمريكان حريصون أن لا يقع تجاوز هذا المستوى، كذالك في أغلب الدول المتقدّمة.
قد تكون الغاية وراء هذا الإجراء هي تمكين شركات أجنبية من امتلاك البنوك التونسية.
اليوم أكثر من 80% من قروض بنوكنا موجّهة إلى توريد مواد استهلاكية. هكذا يتمكّن الغربيون من تخفيض البطالة في أوطانهم باستعمال أموالنا عوض أن نستعمل أموالنا لتشغيل أبنائنا.
فإذا تمادينا في هذا البيع لبنوكنا فسنفقد أداة أساسيّة لتشغيل أبناءنا وخاصّة في الجهات المهمّشة.

3. التخلّي عن سياستنا التجارية الخارجية وعن تحكّمنا في وارداتنا

اليوم نسبة التوريد من جملة الاستهلاك (وهي تدلّ على مدى انفتاح الاقتصاد) تبلغ في تونس 70% في حين أنّ في أمريكا وفي أوروبا لا تتجاوز20%.
اليوم الاقتصاد التونسي يُبذّر العملة الصعبة في نفقات ليست ذات أولويّة، كالإفراط في توريد سلع الكماليات والبذخ، عوض أن نستثمرها فيما ينفعنا، مثل الاستثمار في الاكتفاء الغذائي أو الطاقي.
لقد ازدادت الواردات بنسق 5.9% في سنة 2011 بالنسبة إلى 2010، لتبلغ تقريبا 34 مليار دينار، رغم أنّ البلاد عاجزة على خلاص ربا ديونها إلاّ بالتداين. وفي سنة 2012، ازداد الطين بلّا حيث ازدادت الواردات بنسق 13.3% بالنسبة إلى سنة 2011، لتفوق 38 مليار دينار.
بالتالي فإنّ الأموال المُنفقة في الواردات ازدادت 4 مليارات من الدنانير في 2012 بالنسبة لسنة 2011. ولو تجنّبنا هذا الازدياد بِـ 4 مليارات لكان هذا المبلغ متوفّرا اليوم في خزينة الدولة ولكنّا في غير حاجة إلى طلب قرض من صندوق النقد الدولي اليوم.
وكما يبيّنه الجدول التالي، فإنّ 700 مليون دينار من هذه الزيادة في الواردات متكوّنة من زيادة في توريد سيارات سياحية إذ بلغت واردات السيارات (والجرارات) مليارين من الدنانير سنة 2011 و2,7 مليار سنة 2012.
فكرة عن أهمّ الزيادات في الواردات لسنة 2012:
السيارات السياحيّة: +700 مد
الأدوية: +120 مد
تجهيزات السكك الحديديّة: +175
مواد بناء حجريّة: +30
تجهيزات التدفئة و التكييف: +200
آلات ميكانكيّة: +100
مواد كمياويّة عضويّة: +100
حبوب: +100
نفط ومشتقاته: +1500
إنّ الواردات التي لا يمكننا الاستغناء عنها، وهي الواردات الحيويّة، لا تتجاوز قيمتها 3 مليارات من الدنانير سنويا:
فكرة عن التوريد الحيوي السنويّ:
الحبوب: 1500 مد
النفط ومشتقاته (التوريد الصافي):1300 مد
وهناك تقريبا ما يعادل 10 مليارات من الدنانير من العملة الصعبة في خزينة الدولة اليوم. هكذا يتبيّن أنّ ما زال لدينا متّسعا من الوقت (بضع سنين) لإيجاد حلول لتمويلنا الخارجي. ولن نموت جوعا بحول الله إذا أجّلنا المفاوضات مع صندوق النقد إلى ما بعد الإنتخابات.

4. التيسير في تبديل عملة أرباح المستثمرين الأجانب من الدينار إلى العملة الصعبة وترحيلها وعدم فرض الضريبة عليها

تجاوز المبلغ الجملي للأرباح المبدّلة بالعملة الصعبة قصد ترحيلها مستوى 2.5 مليارات من الدنانير في سنة 2012.
للتوضيح، فإنّ هذه الأرباح مكوّنة من أرباح شركات الغاز والنفط بنسبة 70% تقريبا والباقي تعود لشركات الهاتف والإسمنت والبنوك ومحطّة رادس للكهرباء وهي صفقات أبرمها النظام السابق (بما كان لديه من وطنيّة و حرص على مصير البلاد) وتواصل تونس تحمّل تابعاتها بعد الثورة.
وإذا أضفنا إلى الأرباح المبدّلة بالعملة الصعبة مبلغ الفائدة على القروض الأجنبيّة، وهو تقريبا مليار دينار سنويّا، نتحصّل على التكلفة الجمليّة للتمويل الأجنبي التي ذكرناها أعلاه وهي 3.6 مليارات من الدنانير. هذا هو الثمن السنويّ الذي تدفعه تونس لكراء المال الأجنبي.
أليس من الأجدر أن نسعى اليوم إلى التدقيق في هذه الصفقات وفرض الضرائب على أرباحها، وهي التي أبرمت خدمةً لرجال النظام السابق و ليس خدمة للشعب، بدلا من أن نفرض الغاء الدعم وارتفاع الأسعار على الشعب لحلّ مشكلة عجز ميزانيّة الدولة ؟
أليس الشعب هو المتضرّر من النظام السابق وأصحاب تلك المشاريع هم المنتفعين؟ فكيف نفرض على الشعب اليوم تكاليف الإصلاح ونترك من انتفعوا من فساد النظام السابق؟

5. تخدير تحرك الدولة كعنصر إقتصادي فعّال بواسطة نظرية (وهمية) تنصح بإبعاد الدولة عن ساحة المبادرة الاقتصادية

وتقول هذه النظرية بإبقاء الدولة خارج اللعبة الاقتصاديّة والإكتفاء بسنّ القوانين ومراقبتها وتجهيز الطرقات والجسور ووضع أنابيب الغاز والماء والخ...
مع العلم أنّه ليس هناك أحدا من البلدان المتقدّمة يؤمن بهذه النظريّة ونرى دولهم هي التي توجّه الاقتصاد سواء في الميدان التكنولوجي أو الإنتاجي، وليس السوق كما يوهموننا.
السوق هي طرف من الأطراف وليس الطرف الأوحد. كمثال، فإن برنامج الإنترنت الذي منح للولايات المتّحدة هيمنة على الاتصالات العالميّة، هو برنامج حكومي في الأصل. ونفس الشأن بالنسبة لبرنامج طائرة ارباص في أوروبا الذي جعل منها اليوم، وبعد عقدين من الجهود، القوّة الثانية في العالم في صناعة الطائرات.
منذ نظام بن علي، تُسبّب هذه النظريّة في تبذير الدولة التونسية لمبالغ تتجاوز 2 مليارات من الدنانير سنويا لإنجاز بنية تحتيّة لا جدوى منها مثل بعث مناطق صناعيّة غير مدروسة ومهجورة. فلو وقع إنفاق هذا المال في تمويل مشاريع إنتاجيّة، فلاحيّة مثلا، لما انهار نظام بن عليّ.فلنتجنّب تكرار نفس الخطأ اليوم.

د.محمد مبروك
مسؤول القسم الإقتصادي
المعهد التونسي للدراسات الإستراتيجي

المصدر: 
http://www.strategie.tn/index.php/ar/90-ites-section321792154/ites-category381793269/309-%D8%A3%D8%B1%D9%83%D8%A7%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A7%D9%91%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%8A-%D9%8A%D8%B3%D8%B9%D9%89-%D8%B5%D9%86%D8%AF%D9%88%D9%82-%D8%A7%D9%84%D9%86%D9%82%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D9%8A-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%AA%D8%B7%D8%A8%D9%8A%D9%82%D9%87%D8%A7-%D9%81%D9%8A-%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3